أنا لست مقاطع؛ لأن المقاطعة لا تنجح! نسمع هذه الحجة بشكل يومي تقريبًا منذ أشهر من المشككين في جدوى مقاطعة المنتجات وغيرهم من ناشري السلبية والإحباط. وهذا المقال، الذي سنشارك فيه تجارب ناجحة لحركات المقاطعة، إهداء لكل من يشكك بجدوى مقاطعة البضائع التي تنتجها شركات معادية، أو داعمة للعدو.
-
هل حركات المقاطعة جديدة؟
قد يظن البعض أن المقاطعة التجارية، والاقتصادية هي حركة حديثة، أو أنها تخص العرب، وتتعلق فقط بالقضية الفلسطينية. صحيح أننا نشهد اليوم إحدى أقوى حركات المقاطعة في الدول العربية في التاريخ الحديث، ردًا على ما يحدث في غزة من مجازر وإبادة جماعية، إلا أنه لطالما كانت حركات المقاطعة حول العالم وسيلة ضغط على الحكومات، والشركات وأداة دعم للقضايا الإنسانية العادلة. فيما يلي أبرز النجاحات التي حققتها حركات مقاطعة البضائع، والخدمات، والدول أيضًا:
-
1. حملة المقاطعة العالمية لجنوب أفريقيا
هناك وجه شبه كبير بين نظام الفصل العنصري الذي عاشته جنوب أفريقيا لعقود طويلة، وبين كيان الاحتلال الصهيوني. لعل ذلك من الأسباب التي تجعل من جنوب أفريقيا اليوم من أكثر الدول دعمًا للقضية الفلسطينية. ولكن لم يكن النظام العنصري لينتهي لولا حملات المقاطعة الدولية التي دامت لسنوات طويلة. حيث قاطعت دول، ومنظمات دولية ورياضية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بشكل واسع، حيث لم تكن تنظم الشركات السياحية أي رحلات إلى جنوب أفريقيا، ولم يُقِم العديد من الفنانين أي حفلات هناك، كما مُنعت جنوب أفريقيا من المشاركة بالعديد من المسابقات الرياضية، إلى أن أُلغي نظام الفصل العنصري “الأبارتهايد” تمامًا في عام 1994.
-
2. مقاطعة العلامة التجارية لإيفانكا ترامب
لا يختلف اثنان من أصحاب العقل الراجح على رعونة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي كان ولا يزال يحظى بالكثير من المعارضين داخل الولايات المتحدة وخارجها بسبب سياساته وأفكاره العنصرية والمثيرة للجدل. لذلك شُنت حملة مقاطعة قوية على العلامة التجارية التي تملكها ابنته إيفانكا منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية بعد نجاحه في انتخابات عام 2016، حتى اضطرت إيفانكا إلى إغلاق شركتها في تموز 2018 بعد أن ذكرت تقارير لمجلة وول ستريت جورنال تراجع مبيعاتها بنسبة 45% بسبب المقاطعة.
-
3. مقاطعة الحافلات العامة في الولايات المتحدة
في خمسينيات القرن الماضي، وبينما كانت الولايات المتحدة تتبنى الفصل العنصري بين مواطنيها حسب لون بشرتهم، رفضت روزا باركس أن تقوم من مكانها في الحافلة العمومية لتعطيها لرجل أبيض، مما أدى إلى اعتقالها بتهمة العصيان المدني. وردًا على ذلك دعت حركات الحقوق المدنية التي كان يقودها الأمريكان من أصول أفريقية إلى مقاطعة الحافلات العمومية في البلاد. ولأن الأمريكان السود كانوا يشكلون نسبة 75% من رواد هذه الحافلات، بعد أكثر من سنة على هذه المقاطعة التي أدت إلى اقتراب شركات النقل من الإفلاس قررت المحكمة العليا الأمريكية أن الفصل في وسائل المواصلات غير قانوني، وتم إطلاق سراح روزا باركس. وكان هذا الحراك علامة فارقة في حركة الحقوق المدنية للأمريكان السود في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
-
4. مقاطعة شركة G4S
منذ عام 2012 هناك دعاوى متصاعدة لمقاطعة شركة G4S الداعمة للكيان الصهيوني من خلال تزويد السجون الإسرائيلية، حيث يقبع آلاف الأسرى الفلسطينيين في ظروف مزرية، بأنظمة أمان وتحكم. أدت حركة المقاطعة هذه لسحب العديد من المستثمرين أموالهم من هذه الشركة على رأسهم بيل غيتس. وأنهت العديد من الشركات العالمية تعاقداتها مع شركة G4S. قاطع المستثمرين، والمتعاقدين، والمستهلكون هذه الشركة حتى أعلنت في حزيران 2023 إنهاء جميع أعمالها في دولة الكيان المحتل.
-
5. مقاطعة شركة بوما
منذ أن وقعت العلامة التجارية الألمانية عقدًا لتزويد فريق كرة القدم الإسرائيلي بالمعدات الرياضية، بدأت حملة مقاطعة قوية يقودها العديد من الأندية الرياضية، والرياضيين، والناشطين الحقوقيين لهذه العلامة التجارية الشهيرة. مع تكرار المطالبات والتظاهرات أمام فروع محلات بوما حول العالم أعلنت الشركة إنهاء تعاقدها مع الفريق الإسرائيلي، منكرة أنها اتخذت هذا القرار بسبب مقاطعتها من قبل الكثيرين. ولكن إن لم تكن المقاطعة السبب إذّا ما هو السبب؟!
قد لا تعلن الشركات أنها تضررت من المقاطعة، ولكن ما تقوم به من أفعال جراء المقاطعة هو أكبر دليل على نجاح المقاطعة التجارية.
المصدر: موقع www.ethicalconsumer.org
تعرفوا على 5 فوائد من مقاطعة المنتجات الأجنبية لم تخطر في بالك
